بعد خروجنا من المنزل، وأثناء قيادتي للسيارة، وبجانبي أمي .. نظرتُ إليها وفي ذهني سؤال يراودني .. يحيرني .. يؤلمني .. لعلّ لديها ما يشرح صدري !
فقلتُ لها : هل سيأتي وقت ينتهي فيه الفقر؟ فلا نرى متسول يعوم بين السيارات على إشارة المرور .. ولا قصص تروى بعد الصلوات وبعدها مكوث عند الأبواب .. ولا حتى في المتنزهات والجلسات !
نظرت إليّ وقالت : يا بُني ، هي سنة الله في كونه ، الأرض أرضه ، والعبيد عبيده .. ابتلاهم بفقرهم كما ابتلى غنيّهم بماله ! ابتلاهم بكسر نفوسهم كما ابتلا أصحاب الجاه بجاههم !
يا بُني ، كيف نريد ان نُطفئ غضب الله علينا نحن المقصرون ؟ لولا فضل الله علينا بهؤلاء الفقراء والمساكين بالصدقة عليهم ، لحديث نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم : " إنّ الصدقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ " .
كيف سننتصر لولا ضعفاؤنا ؟ كما اخبرنا أطهر البشر صلى الله عليه وسلم " هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟ "
يا بُني ، لولا الفقراء والمساكين والمحتاجين لم نستطع أن نطبق ركن الإسلام الثاني !
وليس فقر المال هو الفقر الوحيد ، فهناك أُناس يمتلكون الملايين وهم فقراء بأخلاقهم ، بتعاملهم ، بالإحسان إلى جيرانهم .. وحتى بالبسمة يا بُني ! هناك من يفتقر إلى الحب الصادق ، وهناك من يفتقر للأهداف .. الأهداف التي نخططها ، التي نحلم بها .. هم يفتقرون لها ..
يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير
عند تلك الخطط التي وقفت أمامها بصعوبة .. في وقت كنت ستتخلى عنها .. تذكر بأن يأتِ بها الله .. ومن رحمة الله فينا وحبه لنا جعل البسمة فيها صدقة وجعل الكلمة الطيبة فيها خير وبركة وهي صدقة .. وإماطة الأذى عن الطريق صدقة .. يا بُني ، هي حياة بجميع ألوانها .. تفاصيلها ، حكاياتها ، فالناس مكملون بعضهم ببعض .
يا بُني ، الفقر الحقيقي المُعيب هو عجز الإنسان ووقوفه أمام فقره مستسلماً عاجزاً عابساً .
اعتقد انني أجبتك ، والان قف أمام هذا " الماركت " خلينا نأخذ بعض المستلزمات للبيت ..!
فواصل شباب 23 “الفقر”
(0)(3)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6518618.htm